ما حدث داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليس مجرد خلل تنظيمي، بل مهزلة سياسية مكتملة الأركان. حزبٌ كان يرفع شعارات النضال والديمقراطية والقطع مع التحكم، انتهى اليوم إلى نموذج فجّ لـالوراثة الحزبية وتوزيع المواقع بالقرابة والمصاهرة.
المكتب السياسي تحوّل إلى جلسة عائلية موسّعة: أبناء، إخوة، أصهار، وأقارب يتناوبون على المقاعد وكأن الحزب إرث خاص، لا علاقة له بالمناضلين ولا بالقواعد ولا بتاريخ مليء بالتضحيات. الكفاءة غائبة، والنضال مُهمَّش، والشرط الوحيد للترقي هو الانتماء العائلي. الأكثر وقاحة أن كل هذا يُسوَّق باسم “الشرعية التنظيمية”، بينما الواقع لا يعدو أن يكون سطواً ناعماً على حزب تاريخي، وتجفيفاً متعمداً لأي نفس ديمقراطي داخلي. من يطرح السؤال يُقصى، ومن يعترض يُهمَّش، ومن يصمت يُكافأ.
الاتحاد الاشتراكي، الذي كان مدرسة سياسية، أصبح ملكية خاصة تُدار بعقلية “خلّيها فالعائلة”، في وقت يُدفع فيه الحزب نحو العزلة، وفقدان الثقة، والانفصال الكامل عن المجتمع. والنتيجة واضحة ولا تحتاج ذكاءً سياسياً فالحزب أصبح بلا روح، وتنظيم بلا ديمقراطية، ومكتب سياسي بلا سياسة .وبصالح العبارة ،لم نعد أمام اتحاد اشتراكي، بل أمام “حزب الورثة “.
















