ما وقع أمام مسجد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، ليس “سوء تقدير” ولا “تصرفاً طائشاً عابراً”، بل فعل مشين ومرفوض يرقى إلى درجة الاستفزاز العلني لمشاعر المغاربة، وضرب سافر لحرمة المساجد، واستهانة خطيرة بالقيم الدينية والأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع المغربي.
شابات مراهقات، رفقة من تُقدَّم على أنها “مغنية صاعدة”، اخترن عمداً فضاءً دينياً مقدساً لتصوير محتوى فارغ، بلا رسالة ولا فن ولا احترام، بملابس متبرجة وحركات مستفزة، في مشهد يعكس انحداراً أخلاقياً مقلقاً واستغلالاً فجّاً لبيوت الله من أجل حصد الإعجابات والمشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي.
الأخطر في هذا السلوك ليس فقط الفعل في حد ذاته، بل التطبيع المتزايد مع العبث بالمقدسات، وكأن المساجد تحولت إلى ديكور رقمي مفتوح لكل من يبحث عن الشهرة السريعة، في غياب الردع، وتراخي المراقبة، وصمت غير مفهوم من الجهات المعنية.
إن ساكنة الناظور والريف عموماً عبّرت عن غضبها الشديد واستنكارها الواسع لما جرى، مطالبة بتدخل فوري وحازم من مندوبية الأوقاف والشؤون الإسلامية بالناظور، والمجلس العلمي المحلي، وكذا المديرية الجهوية للأمن، من أجل ترتيب الجزاءات القانونية اللازمة، ووضع حد نهائي لمثل هذه الانزلاقات الخطيرة.
فالمساجد ليست فضاءات عمومية عادية، ولا ساحات للتجريب أو “الترند”، بل لها حرمتها ورمزيتها، وأي تساهل مع ما وقع اليوم سيكون بمثابة ضوء أخضر لتكرار المشهد غداً بشكل أكثر وقاحة وجرأة.
إن حماية بيوت الله ليست خياراً ولا ترفاً، بل واجب ديني ومؤسساتي وأخلاقي، وأي تقاعس عن تحمل هذه المسؤولية يطرح أكثر من علامة استفهام حول دور الجهات الوصية، ويضعها أمام مساءلة مجتمعية مشروعة.
فالسكوت عن العبث بالمقدسات هو مشاركة فيه، والتهاون مع التفاهة هو تشجيع مباشر على تمددها، ومن لم يتحرك اليوم… سيتحمل مسؤولية ما هو أخطر غداً.
















