أخيراً تم رفع البلوكاج عن تصميم التهيئة لمنطقة “أفشور” المحاذية لمحطة القطار TGV بطنجة، بعد سنوات من الجمود التي كبّلت الاستثمار وجمّدت مشاريع كبرى فوق مساحة تناهز 65 هكتاراً، لا يزال الغموض يلفّ مصير تصميم التهيئة الخاص بوكالة مارتشيكا بإقليم الناظور، في مشهد يعكس استمرار نفس الاختلالات وسوء التدبير الذي طبع المرحلة السابقة.
متتبعون للشأن العقاري بالإقليم يحمّلون المسؤولية الكاملة لمديرة وكالة مارتشيكا، التي اختارت، منذ تعيينها، السير على نهج سلفها زارو، معتمدة المقاربة ذاتها التي أثبتت فشلها، وقائمة على تعطيل تصميم التهيئة وترك المجال مفتوحاً أمام لوبيات العقار لمحاولة فرض تصاميم “مفصلة على المقاس”، عبر الضغوط والإغراءات، بدل الانخراط في إصلاح حقيقي يخدم التنمية ويستجيب لتطلعات الإقليم.
وحسب مصادر متطابقة، فإن “مافيا العقار” كثفت تحركاتها منذ التحاق المديرة الحالية بمنصبها، مستغلة حالة الفراغ التخطيطي لتمرير مصالحها، غير أن وزارة الداخلية وعامل إقليم الناظور شكّلا، في أكثر من مناسبة، سداً منيعاً أمام هذه المحاولات، رافضين أي إخراج لتصميم تهيئة يخدم أجندات ضيقة على حساب المصلحة العامة.
في المقابل، وبدل تسريع إخراج تصميم التهيئة ووضع حد لحالة الشلل التي تعيشها المنطقة، اختارت إدارة مارتشيكا نهجاً وصفه فاعلون بـ”الاستعراضي”، عبر تسويق المجال بطريقة تقليدية متجاوزة، تعتمد على استدعاء وجوه “مؤثرة” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنظيم لقاءات وملتقيات تُصرف عليها ملايين السنتيمات من المال العام، دون أن يكون لذلك أي أثر ملموس على أرض الواقع، أو أي انعكاس إيجابي على مناخ الاستثمار.
ويؤكد مستثمرون، من أبناء الإقليم ومن مغاربة العالم، أن مكتب عامل الإقليم توصل مراراً بشكاياتهم، بعد أن تقدّموا بمشاريع جادة وحصلت ملفاتهم على موافقات مبدئية من مصالح مختلفة، قبل أن تصطدم جميعها بجدار وكالة مارتشيكا، التي ظل غياب تصميم التهيئة ذريعة دائمة لتعطيل الاستثمارات وإجهاض الفرص.
هذا الوضع، بحسب المتضررين، لا يسيء فقط لصورة الإقليم، بل ينسف بشكل مباشر التوجيهات الملكية الداعية إلى تشجيع الاستثمار، وتبسيط المساطر، ورفع العراقيل أمام المستثمرين، خاصة مغاربة المهجر الذين عادوا بأموالهم وخبراتهم لخدمة وطنهم، ليُقابلوا بالإقصاء والتجاهل وسوء التدبير.
وأمام هذا الواقع، تتعالى الأصوات المطالِبة بربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح تحقيق جدي في أسباب التأخر غير المبرر في إخراج تصميم تهيئة مارتشيكا، وتحديد المسؤوليات بوضوح، بدل استمرار سياسة الهروب إلى الأمام، التي جعلت من الوكالة عائقاً حقيقياً أمام التنمية، بدل أن تكون رافعة لها.















