تُظهر المؤشرات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2026 استمرار الحكومة في نهج سياسة ضريبية قائمة على تثمين الموارد الجبائية ذات المرونة المنخفضة، وفي مقدمتها الضرائب غير المباشرة المفروضة على التبغ والمشروبات الكحولية. ويرجع هذا التوجه إلى كون هذه الضرائب تُعد من أكثر الموارد استقرارا من حيث التحصيل، نظرا لارتباطها بسلوك استهلاكي ثابت نسبيا داخل السوق الوطنية.
ويمثل السعي نحو حصر عجز الميزانية في سقف 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام جزءا من التزامات المغرب تجاه المؤسسات المالية الدولية ومعايير الاستدامة المالية، خاصة بعد الاضطرابات الاقتصادية التي شهدتها مرحلة ما بعد الجائحة وارتفاع تكاليف تمويل السياسات الاجتماعية والاستثمارية.وتبرز الوثيقة مفارقة مالية واضحة، إذ إن العائدات المتوقعة من الرسوم المفروضة على مواد مضرة بالصحة تناهز 21.168 مليار درهم، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الأرباح المرتقبة من المجمع الشريف للفوسفاط التي لا تتجاوز 7 مليارات درهم. ويشير هذا التباين إلى تراجع إسهام القطاع الفوسفاطي في المالية العمومية نتيجة التقلبات الحادة التي شهدتها الأسعار في الأسواق الدولية خلال السنتين الأخيرتين.
ويثير هذا الخيار المالي نقاشا وسط المتتبعين حول مدى استدامة الاعتماد على الضرائب غير المباشرة في مداخيل الدولة، بالنظر إلى طابعها الاجتماعي الحساس وتأثيرها غير المتناسب على القدرة الشرائية للفئات محدودة الدخل. كما تطرح الفوارق الهيكلية بين الإيرادات الجبائية ومداخيل القطاعات الاستراتيجية أسئلة مرتبطة بسرعة استعادة دينامية الصادرات المغربية، وعلى رأسها الفوسفاط ومشتقاته.
















